إن للنظر والاجتهاد في أحكام النوازل المقام الأسمى في الإسلام لما له من موصول الوشائج بأصوله وفروعه الحظ الأوفى والقدح المعلى .
وهو الميدان الفسيح الذي يستوعب ما جدّ من شئون الحياة والأحياء وتعرف من خلاله أحكام الشرع في الوقائع والمستجدات الدينية والدنيوية .
وقد أسهم مجتهدو الأمة على اختلاف مراتبهم ـ كما مرّ معنا ـ في هذا المجال بأوفر نصيب وبذلوا في النظر فيها الجهد العظيم حتى لا يكاد أن نجد مجتهداً مبرزاً إلا وله مصنف أو أكثر في النوازل والإفتاء ولا غرابة في ذلك إذ هو فرع من دوحة الشريعة الحنيفية ولبنة هامة يؤسس عليها نظام التشريع الإسلامي وتظهر بها صلاحيته المطلقة في كل زمان ومكان . ونظرا لأهمية هذا المقام وحاجة الأمة الدائمة للمفتين وتغير الواقع وتعدد مستجداته زادت الحاجة للمفتين وتوسعت طرق الاتصال بهم مما انتج بعض الصور الخاطئة أو الممارسات المجانبة لمقصد الإفتاء . ومن تلك الموضوعات التي برزت في مسائل الافتاء المعاصر: فقه التيسير والحاجة إليه وضوابط العمل به حتى لا يختل هذا المقام العالي .