الشباب في حديث ذي هموم!
د. مسفر القحطاني
زوار : 1285  -   7/2/2007
 
 

الحديث عن الشباب دائماً مقترن بالآمال والتطلّعات والمطالبات، والخطاب الإسلامي المعاصر في موضوع الشباب ملآن بالمفردات المثالية الحالمة؛ كأمل المستقبل وعماد الأمة، أو يجب عليهم أن يفعلوا كذا، وينبغي تحصينهم من كذا، وأغلب التوجيهات الشبابية هي في مجال المطالبات بالواجبات أو التحذير من التقصير فيها، وتُطلق هذه الصيحات في العادة من أبراج عاجيّة أو فوق أعواد المنابر، وكأن الشباب قد أغمضوا أعينهم وأرعَوْا أسماعهم، ولم يبق سوى التنفيذ لما يُطلب منهم من عمل أو يؤدون ما يلزمهم من واجب؟! وهذا الخطاب الغالب مع أهميته قد يصلح لفئة خيّرة من الشباب. و لكن هل يصلح التوجيه ذاته للأعم الأغلب من شبابنا في المجتمع السعودي ممن لم يتجاوزوا الخامسة والعشرين من العمر؛ إذ تصل نسبتهم نحو 60% أي (12) مليون شاب؟ علماً بأن معدل النمو السكاني في المملكة يبلغ 3% سنوياً، ويُعدّ من أعلى معدلات الزيادة السكانية في العالم.
فالشرائح المختلفة والمتنوعة من الشباب تعاني مشكلات وأزمات من أهمها -من وجهة نظري- أنهم لا يجدون من يستمع لشكواهم أو يتلمّس احتياجاتهم، أو يتفهّم معاناتهم، وهذه الخطوة من مَلَك مفاتحها استطاع أن يصل إلى قلوب الشباب وأن يحركها كما يريد. ومع أهمية هذه الممارسة الإقناعية فإنها لا تخلو من خطورة قد تحيد بالشاب إلى منزلقات فكرية متطرّفة، وقد تكون خطوة نحو البناء والإيجابية.
 ولعلي -من خلال هذا المقال- أن أترك  للأرقام والدراسات بيان واقع الشباب في المملكة، ومقدار المعاناة التي يعيشونها، وللأسف إن لغة الأرقام عندنا لا تملك الدقة والشمول في معطياتها، إلا أنها تمثل مؤشراً صادقاً للواقع أو قريباً منه يمكن من خلالها رصد التغيّرات الطارئة على واقع الشباب وحجم مشكلاتهم الراهنة.. ومنها على سبيل المثال:
إن حجم البطالة في المملكة -في آخر الإحصاءات الرسمية- قد بلغ 9.6% أي أن هناك (300) آلف عاطل عن العمل أكثرهم من الشباب ( جريدة المدينة 13/6/1425هـ ).
إن الجريمة بين الشباب السعودي العاطل عن العمل زادت نسبتها 320 % بين (1990م -1996م)، ومن المتوقع أن تزداد الجريمة بنسبة 136% أخرى بحلول عام 2005م. ( مقال لجون براديلي من روتيرز – الوطن القطرية 18/مارس 20003م).
أبانت إحصائية مصلحة الإحصاءات العامة بوزارة التخطيط أن عدد حالات الانتحار خلال عام 1420هـ بلغت في المملكة (596) حالة (جريدة عكاظ 5/4/1423هـ ) وفي دراسة للدكتور جمال الطويرقي، والتي أجرها ما بين (1997-1999م) تبين له أن هناك (156) حالة انتحار رُصدت في مستشفى الملك فهد للحرس الوطني بالرياض فقط ( جريدة الوطن 11/11/1424هـ).
بلغت نسبة المصابين بالإيدز (7808) مصاب، من بينها (1743) حالة لمواطنين سعوديين، وقال مساعد المدير العام للأمراض الطفيلية والمعدية بوزارة  الصحة ناصر الخزيم: إن 95% من أسباب العدوى هي بسبب العلاقات الجنسية ( جريدة الوطن 1/5/2005م ).
من المتوقع سفر (2.5) مليون سعودي للسياحة في الخارج الصيف الحالي 2005م، ينفقون أكثر من عشرة مليارات ريال أكثرهم من فئة الشباب، بينما يعبر جسر البحرين (125) ألف سيارة سعودية في نهاية الأسبوع والإجازات ( وكالة الإنباء الكويتية كونا، وجريدة الحياة 7/5/2005م).
وفي تقرير للإدارة العامة لمكافحة المخدرات أن أكثر الفئات التي وقعت تحت خطر المخدرات هم من فئة الشباب العزاب، وأبان التقرير أنه تم ضبط (17199) حالة منهم خلال عام 1421هـ ( مجلة الأمل العدد 35).
بلغ عدد العوانس في المملكة اللاتي لم يتزوجن وأعمارهن فوق الـ (30عاماً) مليوناً و(813 ألف) فتاة، ومرشح للوصول إلى أربعة ملايين عانس خلال خمس السنوات القادمة. ( مجلة أسرتنا عدد 45).
إن 30% من طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية في المنطقة الغربية مدخنون، جاء ذلك في دراسة نشرتها (جريدة المدينة 16/12/1423هـ).

وبعد عرض المؤشرات السابقة للحالة الراهنة التي يمر بها قطاع كبير من شباب المملكة تدور في أذهاننا عدة تساؤلات حول جدوى البرامج الراهنة للشباب.. هل تؤدي دورها في احتواء الشباب وتفهّم معاناتهم، وتشاركهم في حل مشكلاتهم؟ هل تكفي بعض البرامج الحوارية أو المؤتمرات السنوية في القضاء على أزماتهم المعاصرة؟ وهل تعدّ قضايا الشباب أولوية لدينا في الإنفاق والاهتمام والرعاية؟ وهل نعلم أن أولئك الشباب هم من سيتولى شؤون الدولة والمجتمع خلال العقدين أو الثلاثة عقود القادمة شئنا أم أبينا؟!

 

 

الإسم  
الدولة  
البريد الإلكتروني   
تقييم الموضوع  
التعليق  
رمز التفعيل


 
 
 

د. سارة بنت عبدالمحسن بن جلوي