وفق جدول زمني دقيق .. حددت أولوياته ، ورسمت ملامحه بوضوح وعمق ، تسير خطوات هيئة الأمم المتحدة ، ومنظمة اليونسكو ، ومنظمة حقوق الإنسان في طريق فرض طروحاتها عبر المؤتمرات الدولية وإلزام الآخرين بها ، وفي كل مؤتمر تطرح مجموعة من القضايا التي يراد تطبيقها إلزاميا على شعوب الدول ومجتمعاتها في عملية تبديل خطيرة لأنظمة الدول وقوانينها..
وقد شهدت السنوات الخمس الماضية تفعيلاً غير عادي لقضايا المرأة والأسرة بأبعادها المختلفة .
وها نحن أولاء نشهد في هذا العام أن أولئك الذين خططوا لهذه المؤتمرات يجتمعون ليرصدوا ما حققوه من إنجازات خلال السنوات الخمس الماضية .. جلسوا على مائدة الاجتماع وبين أيديهم العديد من الملفات والتقارير والدراسات والإحصائيات التي تحدد لهم وبدقة ما استطاعوا تحقيقه من إنجازات في عملية التغيير للواقع الاجتماعي والقانوني في كثير من دول العالم وفي مقدمتها الدول الإسلامية وليرعوا نتاج غرسهــم قبل سنــوات خمس
ـ والذي أثمر تحولات خطيرة في قلب العالم الإسلامي ـ .
وقد جاءت تلك التقارير لتؤكد لهم نجاحاتهم في عملية التغيير وتفعيل ما سبق أن قرروه في مؤتمراتهم السابقة .. العملية محسوبة عندهم بدقة :
تخطيط ، مؤتمر ، توصيات ، متابعات ، تفعيل .. إحصائيات رقمية دقيقة ، نتائج واضحة محددة ، تحدد مواطن القوة ، ونقاط الضعف ، ووسائل التفعيل ، لتبدأ دورة جديدة بخطط جديدة وأساليب أكثر مناسبة وفعالية ، طروحات عملية ، خدمت أهدافهم بقوة وفجرت مجتمعات إسلامية بكاملها. لقد تمت بنجاح خطة العمل التي تبنتها هيئة الأمم قبل مؤتمر بكين 95 وبعده . يقول الأمين العام لهيئة الأمم المتحـدة كوفي أنان : ( إن الإعلان وخطة العمل اللذين تم تبنيهما في ختام أعمال المؤتمر الرابع حول أوضاع النساء في بكين 1995م شكلا خطوة متقدمة للنساء ، وخصوصاً في البلدان النامية عبر إقرار مباديء وأهداف واستراتيجيات حازت إعجاب نساء العالم أجمع في نضالهن اليومي ، ومن الضروري أن تحافظ الوثيقة الختامية لمؤتمر بكين على كل الالتزامات التي ضمنت في الإعلان وخطة العمل في بكين .. ) مطالباً الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بضرورة العمل بروح الفريق الواحد للتمكن من تطوير وضمان المكتسبات كلها التي حققتها النساء في بكين ..
هذا ما فعلوه ويفعلونه ..
ولكن ماذا فعلنا نحن . ؟!
نختار من الحلول أيسرها ، ومن الطرق أقصرها ومن الأساليب أضعفها ، لا تعنينا النتائج ، ولا تشغل بالنا الوسائل ، ولا نفكر بالآليات . سنوات خمس مضت على مؤتمر بكين بتوصياته التدميرية ، ولم يزد دورنا عن المناقشة ، والاحتجاج السلبي ، ومقالات التظلم ، والهجوم الانفعالي .. نذهب إلى كل مؤتمر بالاحتجاج ، والتظلم والرفض ونعود بالبضاعة نفسها نجترها ، ونستمر في الشجب ، والرفض ، والاستنكار إلى المؤتمر الذي يليه .. وهكذا نحن جهود مبعثرة ، وعمل عشوائي ، لا تنظيم ، ولا تخطيط ، لا إعداد ولا استعداد ، لا دراسات تجرى ، ولا إحصائيات تعد ، ولا هيئات تنشأ للمتابعة والرصد والتفعيل ، ماذا قدمنا للمرأة المسلمة المضطهدة في كوسوفا ، والشيشان ، وفلسطين ، وموريتانيا ، وتشاد، والنيجر، والصومال، وكشمير وغيرها ؟ ماذا فعلنا لنرفع الظلم عن النساء ونعطي الحقوق لأصحابها ؟
ما هي جهودنا لحماية الأطفال ، وتحصين الناشئـة ، والمحافظة على الأسرة .. ؟ كلام .. وكلام .. وهل يجدي الكلام في زمن التخطيط العلمي الدقيق والعمل المنظم المدروس ، المنفق عليه بسخاء والمدعوم بقوة السياسة ، والاقتصاد ، والعلم ، والإعلام.. ؟
قبل أن نتهم غيرنا ونهاجمه .. علينا أن نحاسب أنفسنا ونصلحها حتى نعرف ماذا فعلوا هم ، وماذا فعلنا نحن .. ؟
آخر الكلام ..
إلى متى ونحن لا ننتبه لقضايانا ونهتم بها إلا بعد أن تطرحها علينا الهيئات العالمية و تتبناها المنظمات الدولية .. ويفرضها الإعلام العالمي الذي يرتب لنا أولوياتنا وفـق أجندته المعدة مسبقاً . ؟؟؟