طريقنا إلى أين..؟
د. سارة بنت عبدالمحسن
زوار : 1181  -   7/2/2007
 
 

ما الذي يحدث لأمتنا ؟ وما الذي يحدث فيها ؟ وإلى أين يمضي بها أبناؤها ..؟
تؤكد التجارب ويروي لنا التأريخ أن المحن تجمع القلوب ، وأن الشدائد توحد الصفوف ، ولكن الذي يجري في واقعنا المعاصر تجاوز قواعد التجارب ، وكذب أطروحات التأريخ ، وتعدى المعقولات كلها . فحال هذه الأمة وما يدور بين أبنائها من أقوال وما يمارسونه من أفعال وما يصدر عنهم من ردود فعل شيء لا يسهل فهمه ، فضلاً عن شرحه وتحليله أو تعليله وتبريره ، فلم تزيدهم المحن إلا تشتتاً وفرقة ، ولم تعلمهم الخطوب إلا مزيداً من الكلام والقيل والقال والإرجاف في الأرض . ما أكثر تحليلاتهم السياسية ، وانتقاداتهم الكلامية ، سباب وشتائم ، تكذيب وتكفير ، قدح وذم ، وليت ذلك كله مبني على دراسات علمية أو قائم على حقائق موضوعية ، لكنه وفي معظمه آراء شخصية وتصورات خاصة ، وفتاوى شاذة وجدت في المنابر الإعلامية بفضائياتها وصحفها ومجلاتها وإذاعاتها مكاناً مناسباً تبث من خلاله سموم الفرقة ، وتنشر بذور الشتات ، وسخائم الضغينة والبغضاء. مواقف متناقضة ، وآراء متضاربة ، وجهود حثيثة لإثارة الفتنة ، وتعمية البصر والبصائر ، وإضافة مزيد من الغبش وضبابية الرؤية على عقول الناس ونفوس العامة التي التبست عندها الأمور واختلط الحق بالباطل وامتزج الصواب بالخطأ .
 واقع غريب لا بذاته ، ولكن بارتباطه بأمة تدعي بأن منهاجها رباني ، وأن مستندها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وعوضاً عن تماسك المجتمع وتوحده تزايدت حدة فرقته وتشتته وتحول إلى فئات متنافرة متعددة : فئة أفرطت في غلوها حتى تجاوزت حدود الدين وضوابط الشريعة وهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وفئة أفرطت في تحللها حتى لم يعد يربطها بدينها إلا الاسم والنسبة ، وثالثة وهي الشريحة الأكبر ضائعة بين أولئك وهؤلاء لا تدري مع من تكون ، فكرها مشوش ، ورؤيتها غير واضحة ، ومعالم الطريق أمامها متداخلة إن لم تكن مطموسة. وكل حزب بما لديهم فرحون .
 وكل يدعي بأن الحق معه ، والعلاج عنده وينادي : الحل هو الإسلام .
ولكن أي إسلام هو وقد صار لكل منا إسلامه الخاص الذي فصله وفق تصوراته وآرائه ورؤاه الشخصية . فالنصوص تفسر وفق الهوى ، والأحكام تستنبط وفق الاحتياج . ولا يهم في هذا أو ذاك أن تتفق مع نصوص الشريعة أو تطابق أحكامها التي نزل بها الوحي وبينها الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالمهم فيها أن تلبس ثوب الإسلام وتتشح بعباءة الدين وإن كان الدين منها براء .

ويبقى السؤال الملح والهام ..
 إلى متى نبقى في موقف المتفرج وأمتنا تغتال نفسها ببطء ؟
 إلى متى ونحن نجتهد في تحسين صورة الإسلام عند الغرب ونسعى للتحاور معه ، وننسى أو نتناسى انه شوه في نفوس أبنائه ، وحرفت معالمه في عقولهم وأن لغة الحوار بينهم قد ماتت ؟
      ولماذا لا يبادر علماء الأمة المخلصين ، ومثقفيها الجادين ، ومفكريها الصادقين بخطوات عملية جادة لمنع مجتمعاتنا من أن تنتحر بيد أبنائها .
     فالخطر أكبر مما نتصور ، والجرح أعمق مما نظن ، والهوة تزداد اتساعاً وأخشى أن نسقط فيها ونحن نظن أننا نسلك سبيل النجاة .
     ومع هذا فما زال بريق التفاؤل والأمل يضيء عتمة الواقع ، وما زال في الأمة خير كثير: قلوب مخلصة ، وعقول واعية ، وعلم صحيح ، ولكنه يحتاج إلى لم الشمل وتوحيد العمل ، لا الكلام المجرد الذي لم يعد يجد من يسمعه وسط ضجيج الأصوات المتناقضة والمتنافرة . 


آخر الكلام ..
 لا يكفي نبل الهدف وسمو المقصد ، ولكن لا بد من صواب الرأي وصحة الطريق ، وسلامة المسلك . 

 

 

الإسم    
الدولة  
البريد الإلكتروني       
تقييم الموضوع  
التعليق    
رمز التفعيل


 
 
 

د. مسفر بن علي القحطاني