هل من فقه سديد..لواقع مرير؟!
د. سارة بنت عبدالمحسن
زوار : 1233  -   7/2/2007
 
 

إن المتأمل في واقع أمتنا الإسلامية ، والمتابع لما تمر به من أزمات وتكابده من نكبات، و تعانيه من توتر وقلق وحيرة ، يتأكد له مدى تعقيد الواقع الذي تعيشه ، وصعوبة فهم أبعاده ، واستيعاب ملابساته ، والعجز عن التعامل معه بالشكل الصحيح ، والأسلوب المناسب ، وضعف قدرتها على الخروج من دوامة التذبذب والاضطراب الذي أنهك قوتها ، وشتت جمعها ، وفرق كلمتها ، وغيب دورها في توجيه مجريات الأحداث والقيام بدور فاعل مميز في التأثير على التوجهات العالمية سياسياً واقتصادياً ، فكرياً وعلمياً ، ثقافياً وحضارياً . مكتفية بدور الوعاء المتلقي ، والميدان التجريبي للقوى العالمية بتوجهاتها المختلفة ، التي حولتها إلى بؤرة صراع ونزاع حربي مسلح ، وأرض خصبة للتقلبات المتتالية ، والهزات العنيفة ، والتيارات المتصارعة التي التهمت مقدرات الأمة المادية والمعنوية والبشرية ، فكانت موطناً للفقر والأمية والتخلف ، ومصدراً للاجئين والمهجرين ، وغير ذلك كثير من النكبات والمشكلات التي لا تنتهي ، مما أفقد الأمة قدرتها على التعامل الصحيح السليم مع متطلبات واقعها ، ومعطيات عصرها ، واحتياجات أفرادها ، فاختلطت عليها الأمور ،  وتداخلت المصالح ، وصعب عليها التفريق بين المكاسب الوقتية ، والخسائر الدائمة ، فكانت رهينة لردود الفعل الوقتية والانفعالات غير المتزنة .

 وكلما ازداد الواقع تعقيداً ، وتكاثرت تداعياته ، وتسارعت أحداثه ، ازدادت حاجتنا إلى إعادة قراءة هذا الواقع بدقه وعمق وموضوعية تستوعب أبعاده الشرعية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية ، وتتبع مواطن الخلل والقصور ، ومكامن الوهن والضعف الذي استشرى بجسد هذه الأمة وسيطر على كيانها فأقعدها عن ممارسة دورها الحقيقي الفاعل الذي شرفها الله عز وجل بحمل أمانته ، واختارها من بين الأمم للقيام به . 
 نحن اليوم بحاجة فعلية ماسة إلى التحقق بالرؤية الواضحة الواعية التي تمكننا من الاعتبار من الماضي ، وفقه الحاضر ، واستشراف المستقبل ، ببصيرة واعية ندرك من خلالها نتائج اختياراتنا ، وعواقب مواقفنا وأفعالنا ، فنعرف من أين نبدأ ولماذا ؟  وكيف نتحرك ؟ و متى نقدم ونحجم ؟  وفق الإمكانات والاحتياجات ، وتحقق المصالح .
ولاستشعارنا بأهمية هذا الأمر وخطورته على حاضر الأمـة ومستقبلها كان القرار بأن تكون الندوة العلمية الدولية التي يفتتح بها  " مركز الأمير عبد المحسن بن جلوي للبحوث والدراسات الإسلامية " نشاطه العلمي والفكري والدعوي هـو موضوع : ( نحو فقه سديد لواقع أمتنا المعاصر ) . إسهاماً منه في رسم ملامح الطريق الصحيح نحو البدء بعملية التغيير الحقيقي والعملي لواقع هذه الأمة والعمل على انتشالها مما هي فيه والأخذ بيدها لاستعادة عافيتها . ذلك أن فقه الواقع ومعرفة مشكلاته هو السبيل الصحيح إلى التعامل معه ، والارتقاء به، وتنزيل أحكام الله عليه لتقويمه إنقاذاً للأمة ، وصناعة للمستقبل ، بتهيئة الناس وتوجيه اهتماماتهم ، وتحديد أهدافهم .
وتبقى حاجتنا اليوم إلى فقه سديد لعلاج واقع مرير هي ضرورة ملحة يتحمل مسؤوليتها أمام الله علماء هذه الأمة وشيوخها ، مفكروها وأصحاب الرأي فيها ، بما يقدمونه في هذا الصدد من جهود عملية ، وبحوث علمية ، ودراسات جادة مخلصة ، تسعى جاهدة لإعادة صياغة الواقع وفق أسس شرعية واضحة ، وقواعد عقدية سليمة ، وفهم صحيح لمعطيات العصر ومتطلباته بعيداً عن الغلو والتطرف، أو الاستسلام والإنهزامية ، أو ردود الفعل غير المدروسة في خضم عولمة مهيمنة تحاصر الفرد والأمة وتضيق الخناق عليهما ، تسيرها قوى طاغية تسعى للسيطرة على العالم والتحكم فيه .

 


آخر الكلام ..
الطريق يبدأ بخطوة ، والتغيير يبدأ بفكرة ، والحلم يتحقق بالعمل الدائب الصبور .

 

 

 

الإسم  
الدولة  
البريد الإلكتروني   
تقييم الموضوع  
التعليق  
رمز التفعيل


 
 
 

د. مسفر بن علي القحطاني