إنهم يفجرون الدين
د. سارة بنت عبدالمحسن
زوار : 1194  -   7/2/2007
 
 

صدم الناس في داخل المملكة وخارجها بما حدث من تفجير في مجمع المحيا السكني في قلب العاصمة السعودية الرياض .
وبدؤوا يتساءلون عن السبب ، ويبحثون عن المبررات التي تكمن وراء مثل هذا العمل الإجرامي الشنيع ، الذي يناقض كل كلمة في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ومنطق العقل ، وحقيقة الفطرة السليمة .
وبدأت التبريرات والتحليلات تتناثر علينا من كل حدب وصوب ، كل يحاول أن يثبت لنا أن الحق معه ، والصواب في وجهة نظره .
تعددت الآراء ، وتفرقت وجهات النظر ، وتباينت التحليلات والتبريرات ، لكنها اجتمعت على الصدمة بما حدث .. كثيرون لا يريدون أن يصدقوا أن من قام ويقوم بمثل هذه الجريمة البشعة هم من أبناء هذا الوطن ، الذين تربوا على مبادئ الدين الحنيف ، ونهلوا من عذب هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ونشؤوا في ظل أمن وأمان وهدي وسلام .
والحقيقة أن الأمر لم يكن مفاجأة لي ، فسياق الأحداث منذ سنوات كان يشير بوضوح إلى مثل هذه النتيجة . ولكن لأننا قوم ماديون لا تحركنا إلا الأمور المادية ، فلم ننتبه ونستيقظ إلا بعد ما هزت التفجيرات أرضنا الطيبة ، وتناثرت أشلاء الضحايا لتقع في قلب ووجدان كل مسلم صادق ، ومحب ومخلص ، بعدما سالت الدماء البريئة لتهطل أمطار حزن في قلوب الجميع ، وتغسل غشاوة أبصار ، بعدما هدمت البيوت على ساكنيها في لحظة غدر وجبن وتجرد من كل شعور إيماني أو إحساس إنساني . إن الأرواح التي أزهقت ولم يكن لها ذنب سوى أنها جاءت وراء لقمة العيش مطمئنة أنها في بلد الإسلام ، وقلبه النابض ، قد فضحت كذب هؤلاء ، وكشفت زيف دعواهم ، وحقيقة بعدهم عن دين الله ، وهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم .
إن تفجيرات الرياض الآثمة ليست سوى مرحلة من مراحل حرب قذرة تشن على الإسلام ، وحلقة دموية بشعة من حلقاتها التي يقصد بها هدم الدين ، وإضعاف الدعوة ، ووقف المد الإسلامي ، وتفريق الأمة ، ومحاربة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
إن هذه التفجيرات الشيطانية ، قد سبقت خلال السنوات الماضية بتفجيرات معنوية وفكرية مركزة ، اشتد أوجها خلال الشهور القليلة الماضية ، وتبناها الإعلام العربي والغربي على حد سواء ، وكأنه لم يبق في هذا العالم من المشكلات سوى المملكة العربية السعودية بنظامها ، وحكامها ، وعلمائها ومنهاجها .
فالطروحات المفخخة التي يبثها المغرضون عبر الفضائيات العربية والغربية ، والكلمات الرشاشة التي يتلفظ بها المنافقون ، والقذائف الكلامية والشبهات الملغومة التي يوجهها المفسدون إلى قلوب وأفكار وعقول أبناء هذا الوطن ، قد فجرت كثيراً من الرؤوس ، واخترقت كثيراً من العقول ، ومزقت كثيراً من الصدور ؛ فهدمت القناعات الراسخة وغيرت المفهومات الصحيحة ، وروجت الأكاذيب والاشاعات المرجفة ، وأثارت الفتن ، وشقت الصف ، وزرعت بذور العداوة والبغضاء بين أبناء هذا البلد الطيب ؛ بتسميم الأفكار ، وتقليب الأمور ، وانهاكنا في مشكلات مفتعلة ، ودعاوى باطلة ، وتضخيم لأخطاء صغيرة ونواقص لا يخلو منها مجتمع إنساني .
إنها حرب حقيقية بدأت منذ زمن ، ولكننا للأسف لم ننتبه لها ، ولم يسمع قولي فيها. وقد أشرت ونبهت وتحدثت عن ذلك طيلة السنوات الماضية .
إنهم لا يفجرون مجمعاً سكنياً في الرياض ، ولكنهم يفجرون الإسلام ، يفجرون الدين، يبارزون الله ورسوله العداوة ، ويقفون في صف واحد وخندق واحد مع أعداء هذا الدين من اليهود والنصارى ، الذين أعلنوها حرباً صريحة علينا .
أجل أنهم يحاربون الإسلام من خلال هذا البلد الطيب . والمتابع الراصد لما يقال  وينشر من بحوث ودراسات ، وما يرافقه من أفعال وأعمال وإجراءات ، وهجوم ضاري على السعودية بمختلف الدعاوى والتهم : الوهابية تارة ، والسلفية تارة ، والتعصب الديني تارة ، ودعم الإرهاب تارة ، وانتهاك حقوق الإنسان تارة ، والتمييز ضد المرأة تارة أخرى ، وغيرها كثير كثير مما لا يقال ولا ينشر ، ويرى ما يجري هذه الأيام على أرض هذا البلد الطيب الذي لم تسلم منه حتى أقدس بقاع الأرض مكة المكرمة والمدينة المنورة ، يعلم يقيناً أن هذه العمليات الإجرامية ما هي إلا جزء مكمل لتلك الحرب الشرسة على الإسلام في محاولة لوقف مده ، والقضاء على معاقله ، وبيد أبنائه ، أليست المملكة هي الدولة العربية الإسلامية الوحيدة التي ما زالت ترفض الرضوخ والإستسلام لتيارات التطبيع ؟ أو الحد من نشاط الجمعيات الإسلامية ؟ ووقف التعليم الديني ؟ وإلغاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وترفض بناء الكنائس وغيرها ؟ بعد ما تهاوت الدول من حولها الواحدة تلو الأخرى في خضم التطبيع والعلمنة وإقصاء الدين .
إنها حرب فكرية ، وثقافية ، وعملية ، وعسكرية ، واقتصادية ، واضحة .
لقد صدق ذلك الخبير عندما قال في إحدى الفضائيات : " لو وافقت السعودية على التطبيع لما حدث لها شيء من ذلك ، فكل ما تتعرض له الآن بسبب رفضها التطبيع " .

وقفات :
* لا نريد مزيداً من التبريرات أو التحليلات ، فليس لما يحدث أي تبرير معقول ولا مقبول ،  ولا تحليل منطقي ، ولا مكان لحسن نيه .
 سوى أنها حرب على الإسلام ، ودين الله ، حرب على كتاب الله ، وهدي نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، على يد بعض من ينتسبون إليه ، لأنها كما يظنون ستكون الطعنة في المقتل لهذا الدين وهذه الأمة ، لأنها باسم الدين وتحت غطائه كذباً وزوراً .
* ليتنا ننظر إلى الأمور والأحداث بشكل متكامل عميق بعيد عن السطحية ، وجزئية النظرة ، لندرك حقيقة ما يجري ، فنقطع الطريق على من يريد أن يستخف بعقولنا، ويستغل طيبتنا ، ليجعلنا جسوراً يعبرعليها لتفجير ديننا ووطننا وأمتنا، فنكون دروعاً قوية صلبة لا تخترق ، بإيمانها العميق ، وعقيدتها الصحيحة ،  وقناعاتها السليمة ، ومنهاجها الصحيح . 
أرجو أن نستفيق فلا يستخفنا نعيق ناعق ، ولا يستغلنا تدبير مغرض ، أو يستدرجنا تخطيط عدو .
وقد صدق الشيخ عبد الوهاب الطريري حين قال :
( فلا يظن أحد أنه سيكون في مأمن من أن يكون مستهدفاً في يوم من الأيام لهذا النوع من التفكير ، وأن يكون أحد ضحاياه ) .
وقوله : ( إن الأمر جد خطير ، والدمار في دارنا ، والحريق يشتعل في ثيابنا ، وكمــا نتحمـل المسؤولية في حماية البلـد من هـذا التدمير ؛ فإننا نتحمــل المسؤولية مضاعفة فـي أن يكون شبابنا وأبناؤنا أداة لها ) .


آخر الكلام ..
 إذا اهتزت القناعات ، وانشق الصف ، سهل الاختراق ، فكان التفجير المادي والمعنوي للدين والإنسان والأرض .

 

 

 

الإسم    
الدولة  
البريد الإلكتروني       
تقييم الموضوع  
التعليق    
رمز التفعيل


 
 
 

د. مسفر بن علي القحطاني