دعوة للحب
د. سارة بنت عبدالمحسن
زوار : 1202  -   7/2/2007
 
 

نشكو من الزمان وما آل إليه ، والمكان وما حواه ، من قسوة القلوب ، وانتشار الشر، وتفشي الظلم على مستوى الفرد والجماعة ، من كثرة الحروب ، وتأصل العقوق ، ونمو الأنانية ، وتزايد الغل والحسد والتباغض ، وضياع الناس بين مغال في دينه ، ومتفلت منه ، والكثير الكثير من آفات النفوس وأمراض القلوب  وأدواء المجتمعات.
     نتهم الحضارة ، وندين التقدم والمدنية ، وننسى أو نتناسى بأن الحضارة من صنع أيدينا ، والمدنية هي نتاج أعمالنا ، وأن المكان والزمان ما هو إلا وعاء يملأ بأعمالنا .
  يعيب الناس كلهم الزمان
وما لزماننا عيب سوانا
  نعيب زماننا والعيب فينا
          ولو نطق الزمان إذاً هجانا
  ذئاب كلنا في زي ناس
    فسبحان الذي فيها يـرانا
  يعاف الذئب يأكل لحم ذئب
    ونأكل بعضنا بعضـاً عيانا

ترى ماذا سيحدث لو أننا قررنا الاستجابة لأمر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي دعانا إلى الحب ووجهنا إلى المحبة و ربط بينها و بين الإيمان و دخول الجنة ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ..) . ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .
     فأحب كل منا الآخر كما يحب نفسه ، وسعى لمصلحة غيره كسعيه لمصلحته ، وابتغى الخير له كما يبتغيه لنفسه ، ودفع عنه الشر كما يدفعه عن نفسه وأحسن به الظن ، وتعامل معه بسلامة صدر.
لو ربى الآباء أبناءهم على الحب ، وعلم المعلمون تلاميذهم الحب :
 حب الله .. ليطيعوه .
 حب الرسول صلى الله عليه وسلم .. ليتبعوه .
 حب القرآن .. ليعتصموا به .
 حب دينهم .. ليتمسكوا به ويرفعوا رايته .
 حب أنفسهم .. ليسموا بها .
  حب أهلهم .. ليبروهم .
 حب مجتمعهم .. ليرتقوا به .
 حب وطنهم .. ليحرصوا عليه .
 حب أمتهم .. ليدافعوا عنها .
اعتقد جازمة أننا لو حققنا ذلك وتعلمنا كيف نمارسه ، لصلح حالنا . فصلاح نظام الموجودات وصلاح أحوالها مرتبط بالمحبة التي هي أصل وقوام القيم كلها . لو تعامل الناس بالمحبة لتناصفوا ، وتعاضدوا ، وتعاونوا ، وتوحدت قواهم ، واستقامت أمورهم ولم يتعذر عليهم رأي صحيح ، ولا عمل صواب ، ولا تدبير موفق ، ولعمهم الخير ، وغشيتهم الرحمة ، واستشعروا الطمأنينة ، ونعموا بالراحة ، وساروا بخطى واثقة آمنة نحو مستقبل مشرق بإذن الله . 

وقفـة ..
 الحب علاقة حية بين الإنسان وغيره ، ومتى ما اتسعت دائرة هذه العلاقة تحول الحب إلى قيمة أساسية تحتضن القيم كلها وتغذيها ، فلا يكون التعامل مع الآخرين معاملة الأشياء ، أو الموضوعات ، أو الوسائط ؛ بل معاملة الأشخاص ، أو الذوات ، أو الغايات .
 ولذا ، كان الحب أصل الإيمان وطريق الجنة .

آخر الكلام ..

 لعل مشكلتنا الحقيقية الكبرى أننا نسينا كيف نحب ، فليتنا نتعلم الحب .
لنزيل غشاوة أبصارنا بالحب .
لنجلوا صدأ قلوبنا بالحب .
لنروي جفاف صدورنا بالحب.
فدعونا نحب .. ونتعلم كيف نحب .. لعلنا نذوق صريح الإيمان .

 

 

 

الإسم    
الدولة  
البريد الإلكتروني       
تقييم الموضوع  
التعليق    
رمز التفعيل


 
 
 

د. سارة بنت عبدالمحسن بن جلوي