بين الإرهاب وحقوق الإنسان علاقة وطيدة ، وفق المفهوم العالمي للحضارة المعاصرة . وتأخذ هذه العلاقة أبعادها التطبيقية ومشروعيتها ممن يمارسها . فهي حق مشروع، وتطبيق عادل إن مارستها أمريكا ، أو الدولة اليهودية الصهيونية على أرض فلسطين المحتلة، مهما كانت الآثار التدميرية والبطش الفاتك الذي تقوم به . في حين يتحول حق الدفاع عن النفس ، أو التعبير عن القهر جريمة بشعة وتطرفاً مرفوضاً إن صدر عن ضعيف مهزوم أو مستضعف مقهور . إنها معايير الحضارة المعاصرة ، التي تقف خلف القوي ليزداد قوة وبطشاً ، وتقف في وجه الضعيف ليزداد ضعفاً وقهراً ..
ولنتأمل موقف كل من أمريكا ، واليهود من تحقيق هذا المفهوم المختل ، الذي خلط بين إرهاب الدولة بقوتها وجبروتها وتسلطها ، والمقاومة المشروعة للإحتلال ، أو الممارسات المتطرفة لبعض الأفراد .
ولنبدأ بأمريكا وحربها لأفغانستان ، فقد بدأتها بدعوى القضاء على الإرهاب ، لكنها تعدت ذلك بمراحل فكان القضاء على الإنسان ومقدراته المادية والمعنوية والنفسية ، بل وتجاوزت الأمر إلى حد تجاهل كل المواثيق الدولية ، والاتفاقات العالمية بشأن ضوابط الحروب و معاملة الأسرى ، وحقوق الأسرى ، وحقوق الإنسان بشكل عام ، فكانت مذبحة الأسرى في قلعة (جهانجي) القريبة من مزار الشريف والتي راح ضحيتها مئات من الأسرى الذين قضوا تحت وابل قصف الطائرات الأمريكية التي استمرت ثلاثة أيام ، والتي أعادت للأذهان مذابح القوات الأمريكية في فيتنام . حتى إن تقرير وكالة الأنباء الفرنسية وصفت المذبحة بأنها ( أشبه بتخيلات نهاية العالم ) ، وفوق ذلك كله . وبمنتهى البرود وعدم المبالاة. ترفض الولايات المتحدة كل الدعوات التي تطالب بها المنظمات الدولية ، والأمم المتحدة لإجراء تحقيق في الموضوع مبررة ذلك بأنه ليس من الضروري إجراء تحقيق فيما جرى ، حيث ليست هنالك أدلة تشير إلى أن قوات التحالف قد قتلت الأسرى العزل ، أو أنها أعدمت الأسرى بالجملة ..!!
ويبقى السؤال أليست جثث مئات القتلى ، وقصف الطائرات الأمريكية للقلعة لثلاثة أيام متوالية دليلاً ولو كان واهياً ..؟
سؤال ترتبط الإجابة عنه بمفهوم حقوق الإنسان والإرهاب الأمريكي .
أما اليهود .. فيكفينا ما يفعلونه في الشعب الفلسطيني ، وما يمارسونه معهم من قصف وتدمير وقتل جماعي وبأحدث الأسلحة الأمريكية بحجة أن السلطة الفلسطينية منظمة ترعى الإرهاب وتحميه وتدعمه مالياً ، فهاهو شارون يصرح مؤكداً وقوف أمريكا إلى جانبــه حيث قال : ( عدت من الولايات المتحدة ، ويمكنني أن أؤكد لكم بعد لقائي بالرئيس بوش أن الولايات المتحدة شريك حقيقي وصديق لإسرائيل في الحرب كما في السلم ) .
وهكذا يتقاسم الصديقان والشريكان استباحة دماء المسلمين ، والعمل على تصفيتهم بحجة محاربة الإرهاب ، والقضاء على منابعه .
وما يمارسه الصديقان في فلسطين وأفغانستان يطبقانه بشكل جديد ومختلف على المملكة العربية السعودية التي يتهمانها بأنها مهد الإرهاب ، وأرض التطرف ، وداعمه الحقيقي ، ومن ثم فلا بد من تضييق الحصار عليها إعلامياً ونفسياً ، والعمل على إثارة الفتنة بين صفوف أبنائها داخلياً ، فتشغل بنفسها وتكف عن الإهتمام بشؤون المسلمين والدفاع عن قضاياهم والتصدي لنشر الإسلام ودعمه ..
ولكن الله عز وجل يقول ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) .
آخر الكلام ..
ما تبلغ الأعداء من جاهل
ما يبلغ الجاهل من نفسه
فهلا وعينا ؟!!