تتفاخر الولايات المتحدة الأمريكية دائماً بأنها بلد الحرية والديموقراطية واحترام حقوق الإنسان ، ولهذا فهي تنصب نفسها مراقباً على العالم ، ومسؤولاً يتابع انتظام مسيرة الحركة الحياتية للناس والدول بأبعادها المختلفة : الاجتماعية ، والاقتصادية ، والسياسية ، والعسكرية، والثقافية ، والدينية ، بل وكل ما يتعلق بالإنسان والدولة في كل مكان ، وتقومها إذا حادت عن الصراط المستقيم . ومن ثم نجدها بمؤسساتها المختلفة تطالعنا في كل يوم بتقارير مختلفة عن الدول التي تخالف مفهوماتها للحق ، والحرية ، والعدالة ، والمساواة ، وتطبيق الديموقراطية.
لكن هذه الديموقراطية المثالية ، ما تلبث أن تنهار في كل مرة تصطدم فيها هذه المفهومات مع مصالحها الخاصة . ولعل موقفها الأخير من هيئة الأمم المتحدة خير شاهد على ذلك ، فعندما فقدت الولايات المتحدة الأمريكية مقعدين دوليين في اللجان التابعة لهيئة الأمم المتحدة وهما :
مقعدها في لجنة حقوق الإنسان ، ومقعدها في مكتب مكافحة تهريب المخدرات ـ وذلك بسبب عدم حصولها على الأصوات الكافية ـ وعلى الرغم من أن فقدان الولايات المتحدة الأمريكية لهذين المقعدين كان نتيجة تصويت ديموقراطي حر ، إلا أن النتيجة تمثلت في رفض الولايات المتحدة لهذه القرارات ، ولنتيجة هذا التصويت الذي عدته إجحافاً في حقها ومؤامرة عليها !! فكان أن استخدمت ورقة القوة في وجه هيئة الأمم المتحدة عندما قررت تجميد الدفعة الأخيرة من المتأخرات المستحقة عليها للمنظمة الدولية والبالغة (244) مليون دولار إلى حين عودتها إلى المشاركة في هاتين اللجنتين ، وذلك بتصويت من مجلس النواب الأمريكي !؟!
ويبدو أن استعمال القوة المادية ورقة ضغط ستؤدي مفعولها إن لم يكن هذا العام ففي العام القادم ، وهذا ما يستشف من تصريح الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة (كوفي أنان) الذي قال : ( بأنه لا يشك لحظة بأن الولايات المتحدة سوف تعود العام المقبل إلى لجنة حقوق الإنسان ) .
ويبدو من تتبع مجريات الأمور أن السياسة الأمريكية تتحرى مبدأ العدالة والمساواة في إقرار العقوبات واستخدام الضغط على كل من يخالفها ـ تطبيق دقيق لمبدأ المساواة وفق المفهوم الأمريكي!! أو يعارض مصالحها أياً كان ، لا يستثنى من ذلك سوى اليهود ، وسياستهم الإجرامية في الأرض المحتلة ، ربما لاشتراكهما بالهدف والغاية واتحاد المصالح والمصير .
وما لا يؤخذ بالديموقراطية يؤخذ بالقوة ، منطق يتناسب مع معطيات عصر العولمة البراجماتية المؤمركة !!
وقفه ..
لا أدري لماذا تذكرني أمريكا دائماً بفرعون حينما قال : أنا ربكم الأعلى، والرضوخ يعلم الإستبداد .
آخر الكلام ..
همسة في إذن من يعنيهم الأمر :
من أمل بغير الله أذله الله لـه ، ومن توكل على غيره وكله إليه ، ومن خاف غيره عبده له .