صوت ... وصداه .
لا يكون الصدى .. إلا في الفراغ الممتد ، وليس له دور سوى ترديد أطراف العبارات الصادرة من الصوت الأصلي .. بكلمات غير واضحة وطريقة غير مفهومة .. ذلك أن الصدى إنما يردد العبارات دون وعي منه بمقصودها ، ولا اختيار له في انتقائها .. أو تمييز لها ، أو استيعاب لما فيها .. !!
جسم ... وظله ..
للجسم الأصلي ملامحه المحددة : طوله ، عرضه ، وزنه ، لونه ، توجهه ، اختياره.. وغيرها كثير .. ولكن ليس للظل .. إلا إتباع الأثر .. فما هو سوى خيال قاتم ملقى على الأرض لا ملامح له ، لا تحديد له ، لا قدرة له ، لا اختيار ، ولا حركة .. تابع لا حول له ولا قوة لذلك الجسم الذي ينتمي إليه .. يوجهه أينما اتجه .. ويحركه كيفما شاء ..
وتتجلى حكاية الظل والصدى في أبرز ملامحها .. إن كان لها ملامح .. في توجهات إعلامنا العربي والإسلامي .. فالمتتبع لنشرات الأخبار .. والقضايا المبرزة إعلامياً والمحاطة بالاهتمام في جميع وسائل الإعلام المقروءة ، والمسموعة ، والمرئية يجدها هي نفسها ، وبالصيغة نفسها ، بل وبالكلمات نفسها ، والإيحاءات نفسها ـ وإن كانت ضدنا ، أو من صميم قضايانا ـ كل شيء هو نفسه كما تبثه وكالات الإعلام الغربية ، ومحطاته الإخبارية ، وصحفه ومجلاته .. الطروحات غربية ، والمعالجات غربية ، والتحليل ، والتدليل .. كل شيء .. حتى التسميات والمصطلحات التي تعرض بها القضايا عربت أوغربت .. لا فرق..
لقد تحول إعلامنا إلى مرآة غبشه تعكس الصورة التي توضع أمامها .. وندعي بأن عندنا وكالات أنباء .. وإذاعات إخبارية ، ومراسلين دوليين ..
وما أيسر الادعاء في عالم الظل والصدى والمرآة 00 عشرات الألوف من المسلمين يقتلون ، ومئات الألوف منهم تشرد وتهجر .. وأراض تحاصر وتخرب .. فــي آسيـا ، وأفريقيا ،
وبلاد البلقان وغيرها .. ونحن نتابع قصة الكلب اليتيم ، أو ولادة دب الباندا ، أو قصة القرد الحزين ..!!
صدى .. وظل .. ومرآة غبشه ..
آخر الكلام ..
الصدى .. صوت برجع من الصوت إذا خرج ووجد ما يحبسه ..
الظـل .. ما نسخته الشمس من الطلوع إلى الزوال ..
ومن الصدى .. إلى الظل .. إلى المرآة ..
تتنقل مواقفنا في حركة لا إرادية .. ودون اختيار ..