( الصمت حكمة وقليل فاعله ) .. ( إذا كان الكلام من فضه فالسكوت من ذهب).. وغيرها من الحكم والأقوال المأثورة التي يتناقلها العرب ، ويتوارثها المسلمون جيلاً بعد جيل، تدرسها المدارس ، ويرددها الحكماء ، وتربى عليها الناشئة .
ولأننا قوم نعشق الألقاب ، ويغرينا بريق الذهب ، فقد التزمنا مبدأ الصمت لنكون حكماء الذهب .
ولكن .. وآه من لكن ، صمتنا المذهب لا يظهر مع بعضنا البعض ، أو في مكانه المناسب ، وزمانه الواجب ..
حكمتنا المذهبة صارت عنواناً لانهزاميتنا، ومبدأ لضعفنا ، وذريعة لجبننا.
وشتان بين صمتنا ، وصمت العالم حول قضية الشيشان ..
فالصمت العالمي ..
ـ هو صمت الحكمة التي من ذهب ؛ بل وأغلى من الذهب ـ وإن قطعته بعض التصريحات المدروسة ، والتلميحات المتفق عليها .. يبقى له إيجابياته التي تفتح الطريق أمام الروس للقضاء على الوجود الإسلامي في أوروبا .. فما يدور في الساحة العالمية من مناورات مفضوحة بين الروس والتجمع الغربي تحت قيادة الولايات المتحدة لا يعدو كونه مسرحية هزيلة فاشلة تقاسم فيها العالم الغربي الأدوار .. وترك للعرب والمسلمين دور المتفرجين السلبيين .. الذين فقدوا القدرة على التفاعل مع أحداث المسرحية ، أو فهم لغة الحوار لأنهم مشغولون بحواراتهم الشخصية ، ومصالحهم الخاصة.. والاستعداد للاحتفالات بالألفية الثالثة .. والوقت ضيق .. فهم لا يكادون يفرغون من مسرحية ، إلا وبدأت بعدها مسرحية .. الأحداث هي نفسها .. والبطولات هي نفسها ، والمتفرجون هم أنفسهم، والمتغير الوحيد الضحية أرض إسلامية جديدة.. وشعب إسلامي آخر ، والصمت.. حكمـة .. من ذهب ؛ بل وأغلى من الذهب !
أما الصمت الإسلامي ..
فليس له ما يبرره .. فنحن الذين اعتدنـا الشجـب والنـدب ، والاستنكــار ، والتصريحات الرنانة ، وردود الفعل الغاضبة ، وغيرها كثير .... لم يبق من أبجديتنا كلمة واحدة تقول لما يجري كله :( لا ) .. أين مواقفنا السياسية ؟ أين تحركاتنا ؟ أين وجودنا؟ . لقد صرنا أخف من جناح بعوضة في ميزان العالم .!
هل تكفي التبرعات ، والغذاء ، والبطانيات البالية ، والثياب القديمة لتقف في وجه زحف الروس بعدتهم وعتادهم وأسلحتهم الكيماوية ، وجيوشهم الجرارة ؟؟
أهذا مبلغ قدرتنا في كل مرة تنتهك فيها أرض إسلامية ، ويباد فيها شعب إسلامي ذنبه الوحيد أنه يقول: ( لا إله إلا الله ) في عالم لا يقبل إلا وجود الصليب الذي تعلوه النجمة السداسية ..؟
أسئلة تخجل من إجاباتها ..
إلى متى وردود فعلنا بطيئة التحرك ، متثاقلة الخطا ، خجلة الظهور .. !؟! إلى متى ونحن نتوارى خلف انهزاميتنا ننتظر الإشارة من غيرنا لنتحرك وفي حدود ما يرسم لنا..!؟؟
إلى متى ونحن نمارس دور الشيطان الأخرس ؟؟!
وسؤال يتوارى خلف إجابته ..
هل يعقل أن اقتصاد روسيا المنهار يستطيع تحمل تمويل حرب الشيشان باهظة التكاليف.. ؟ أو هي مصادر تمويل غربية متنوعة يتقدمها صندوق النقد الدولي !!؟؟
ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى
من الأمـر أو يبـدو لهـم ما بدا ليا
آخر الكلام ..
وصورة أخرى من صور حكمة الصمت الذهبي .. مدافع إسرائيل تقصف مدرسة أطفال .. وتعتذر .. ولأننا شعب كريم متسامح .. فالعفو عند المقدرة .. !!؟
ومرالحدث بسلام .. ليتناسب مع ثقافة السلام .. والصمت حكمة .. والسكوت من ذهب!!؟؟