ما يطلبه المصلون !
د. مسفر القحطاني
زوار : 2422  -   20/12/2007
 
 

" ما يطلبه المستمعون ",و " ما يطلبه المشاهدون" أسماء لبرامج قديمة ,كان القائمون عليها يحرصون على جمع اكبر عدد من المشاهدين أو المستمعين من خلال تلبية رغباتهم وطلباتهم المتنوعة , وربما دخلت هذه البرامج في دائرة التنافس و التشويق في وقتها , ولكن تجدد العروض وكثرتها في الأسواق الفضائية واختلال المزاج الجماهيري نحو أمور غريبة ومثيرة , جعل من الضروري التنافس على هؤلاء المتلقين بالجذب والإثارة , مهما كانت الوسيلة المبتغاة , سواء كانت طرق مبتكرة وجذابة ، أو من خلال وسائل خاطئة وساقطة من القيم والمبادئ , مثل : فتح مجال السباب والشتائم للمشاركين , أو إثارة العنصريات والقبليّة بين أبناء الوطن الواحد , أو من خلال مجون العرض لمفاتن المرأة  وتسليع كرامتها للامتهان والخسة , ناهيك عن أشرطة الغزل والتعارف الممتهن بين الشباب والفتيات التي تبثه بعض قنواتنا العربية , والتي تجاوزت أعداها حدود المعقول تجاريا ,  فالفضائيات العربية  أصبحت تحتل المرتبة الثانية من حيث العدد عالميا , حيث بلغت أعداد هذه الفضائيات غير مدفوعة القيمة على قمري عربسات ونايل سات       ( 263) قناة بالإضافة إلى أربع قنوات مدفوعة القيمة هىART وقناة ORBIT وقناة المجد، وقناة SHOWTIME وقد بلغ معدل نمو الفضائيات العربية 163% منذ يناير 2004 منها 73.8% قناة خاصة غير حكومية , وهذه التنافسية الضخمة أغرت عدد كبير من الفضائيات الغربية إلى الاتجاه نحو إنشاء نسخ تبث باللغة العربية وذلك نظرا لطبيعة السوق الفضائي العربي الجاذب للاستثمار في هذا المجال .
اعتذر للقاري على هذه المقدمة الطويلة التي جاءت استطرادا غير مقصودٍ التطويل فيه , بسبب التطرق للقنوات الفضائية ،لأن الحديث حولها ذو شجون مهما تكرر ،وربما لعدة سنوات سنكرر ذلك الحديث نتيجةً للصدمة الثقافية والمتغيرات الكبيرة التي أحدثها عصر الإدمان الفضائي , ومرة أخرى استطرد حتى في اعتذاري عن الاستطراد ؟!! . وأعود لصلب الحديث وعنوان المقال , وهو المتعلق بشهر الصيام وحرص المسلمين على القيام في التراويح , وهذه نعمة كبرى أراها بوضوح من عودة الناس لشهود القيام جماعة مع الإمام حتى ينتهي , وأصبح العدد لحضور العشاء لا يختلف عنه في البقاء حتى انتهاء التراويح , وأمام هذا المشهد الجميل الأخّاذ , تنتاب بعض الأئمة حالة تقمص للبرامج الإعلامية القديمة في التنافس على المشاهدين والمستمعين – التي سبق أن أشرت إليها-, ولكن من خلال شريحة ما يطلبه المصلون , واعتقد أن المقصد حسن في أصله كجذب الناس نحو التراويح وغيرها , ولكن ظهرت بعض المخالفات التي أظن أنها قد تُذهب بمقصد العبادة الحقيقي , كالدعاء الطويل المتشنج في القنوت كونه هوى لبعض المتحمسين , ومثله الكلمات الوعظية الطويلة بين ركعات التراويح , أو جلب بعض الأصوات الحسنة في القراءة من غير دراية كافية لأصول التجويد والوقف والابتداء , أو من خلال مسابقات تهريجية في المسجد تزيل اثر التدبر وروحانية الصلاة . إلى غيرها من صور غير لائقة بمقصد القيام والصيام , ولعل جانب التذكير والتوعية لمثل هذه الظواهر في غاية الأهمية , نظرا للفرصة السنوية التي نجدها في رمضان ونجد فيها قلوبنا وإقبالها للطاعة والامتثال , مما لا يتكرر في بقية السنة لو حاولنا عيش تلك اللحظات الباهرة .

 
 تعليقات الزوار
محمد بن احمد الاشقر السعودية جيد جدا  1/17/2008

التقدم للدكتور مسفر بكثير من كلمات الشكر و الثناء على مقالاته الرائدة التي من شأنها المساهمة في صقل وعي كثير من أصحاب العقل الذين صاغت عقولهم أدوات كثيرة في مجتمعنا و غيره كالحزبية و التعنتية و التبعية الفقهية البغيضة والانبهار بالمفكرين الغربيين أو المستغربين إن صح التعبير هذا أولا أما ثانيا فعند قرائتي لمقدمة المقال ظننت أن الدكتور سيتحدث عن خطب الأئمة في الجمع و الأعياد و المناسبات السنوية و عن الهدر المعرفي و الإغراق في الماضيع المكرورة التي لا فائدة منها إلا مجرد الخطبة ولكن لم يخب أملي غير اني أتمنى على الدكتور طرحا واعيا كما عودنا لمثل هذا الموضوع حتى تكون المساجد مراكز حضارية لفكر واعي و دمتم


1  

الإسم  
الدولة  
البريد الإلكتروني   
تقييم الموضوع  
التعليق  
رمز التفعيل


 
 
 

د. سارة بنت عبدالمحسن بن جلوي