أكد أستاذ أصول الفقه المشارك في قسم الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة
الملك فهد للبترول والمعادن د. مسفر القحطاني أن المخرج من مأزق التخلف يكون عبر
إصلاح التفكير والتعبير والتدبير. موضحاً أنه لابد من وجود برامج ومشاريع حقيقية
للخروج من التخلف.
وقال إن الفكر العربي المعاصر انشغل بغياب الحرية والعقلانية
عن الواقع، مشيراً إلى أن الانطلاق نحو المستقبل يحتاج مثلا أعلى لتحقيق النهضة.
جاء ذلك في محاضرة أقامها نادي المنطقة الشرقية الأدبي مساء الأربعاء الماضي في
مقره بالدمام تحت عنوان «سؤال النهضة في أدبيات الخطاب الإسلامي المعاصر».
وبدأ
د. مسفر القحطاني المحاضرة بالحديث عن السؤال عن النهضة، وقال: إن هذا السؤال يطرح
نفسه في كل مكان بصمت مع غيابه الظاهر في كل مكان، وأنه يعيد هيبته الضائعة بين أفك
الإجابات وسخريتها على العقول، ويعيد بعث القلق الفكري ليهز كوامن الصمت والإلف على
القديم، وهو موضوع قديم متجدد أثاره كل المصلحين والمجددين عبر التاريخ.
وركز
المشرف على موقع «الوعي الحضاري» على الإنترنت في محاضرته على ثلاث قضايا، الأولى
خاصة بسؤالات النهضة خلال القرن الماضي والحالي، والثانية تتناول ما بعد السؤال
النهضوي «نقد التخلف وبعث الوعي الحضاري»، أما القضية الأخيرة فتتعلق بالخطاب
الإسلامي وأجوبة النهضة.
ورأى د. القحطاني أن سؤال النهضة يقتضي البحث بالعودة
إلى النصوص المؤسسة لفكر النهضة أي النصوص المشكلة لما نسميه الفكر النهوضي، فإذا
بدأنا البحث في الأفكار النهضوية التي بدأت بالتشكيل منذ القرن الـ19 مركزين على
الفترة الأولى التي تشمل هذا القرن، فإننا نجد عدداً كبيراً من المفكرين بل أغلبهم
يتركز انشغالهم حول سؤال وحيد محوري في مجموع ما كتبوا هو لماذا تقدم الغرب
وتخلفنا؟ وما العوامل التي جعلت الغرب يتقدم؟ وما السبل التي يجب أن يتبعها العرب
ليتقدموا؟.
وقال: «من خلال هذا السؤال بدأت الإرهاصات الأولى لفكر النهضة الذي
بدأ يتأسس على تلك الدعوات التي اطلقها رجالات النهضة وهي العودة إلى ممارسة النقد
على كل المظاهر التي تظهر مواطن الركود واللافاعلية في الواقع والفكر».
وأكد أن
غياب الحرية والعقلانية عن الواقع من القضايا التي شغلت الفكر العربي المعاصر، «ومن
أجل إقلاع ناجح للمجتمع العربي نحو المستقبل لابد لنا من إيجاد مثل أعلى تسير إليه
حركة التاريخ لتعزيز الثقة والإرادة الإنسانية لتحقيق النهضة».
وتابع د.
القحطاني قوله: لقد استنزفت طاقات وقدرات الحركات الإسلامية في صراعات متفرقة،
وصرفت العديد من مجهوداتها وأدت في المحصلة إلى تغول الجانب السياسي على طبيعة
أدبيات واهتمامات هذه الحركات، وأصبح الخطاب الأيدولوجي هو المهيمن على تفكير
أبنائها، وغابت مسألة النهضة والحضارة عن طبيعة الوظيفة الاجتماعية للحركات
الإسلامية، وعلت جدليات التعامل مع الأنظمة وسيطرت على أدبيات هذه الحركات.
وختم
د. القحطاني محاضرته بسؤال هو: أين المخرج من مأزق التخلف؟. وأجاب على السؤال بأن
المخرج يكون عبر ثلاث نقاط: إصلاح التفكير، ببناء الوعي «حديث الغثائية»، وإصلاح
التعبير، بفقه المقاصد والسنن، وإصلاح التدبير، بفقه العمران. ولابد من وجود برامج
ومشاريع حقيقية للخروج من التخلف، وإن من يتحدث عن مخرج للتخلف فهذه خرافة.
وبعد
أن انتهى د. مسفر القحطاني من إلقاء المحاضرة، تم فتح المجال للجمهور للإدلاء
بآرائهم وطرح أسئلتهم على المحاضر، الذي أجاب وعلق على مجموعة من الأسئلة
والمداخلات، التي أثرت المحاضرة وامتدت إلى أكثر من وقتها المحدد.