أنزل الله سبحانه على رسوله صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم تبياناً لكل شيء ، وأوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما نُزِّل إليهم لعلهم يتفكرون .
فاجتمع مما أوحاه الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن بيانه صلوات الله وسلامه عليه مجموعة من النصوص تتمثل فيها شريعة كاملة وتجتمع فيها أحكام شؤون الناس .
ولكن هذه النصوص على كثرتها لم تبين أحكام كل ما يحدث في مستقبل الأيام تفصيلاً ، فكان لابد من شيء آخر غير النصوص يفصّل ما أجملته ، ويستنبط الحكم على مختلف طرق الاستنباط من هذه النصوص ، ويحدد لكل واقعة حكمها الذي يلائمها ، فكان الاجتهاد الذي حصل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمر في أصحابه وتابعيهم ومن بعدهم ، اختص الله به منهم مَن مَنَّ عليه بالفهم الدقيق وبذل الجهد في استنباط أحكامه سبحانه .
ولا شك أن العقول متفاوتة والمدارك متباينة والأفهام مختلفة ، فلو ترك الباب مفتوحاً لكل راغب أخذ الأحكام من النصوص ، والطريق مباحاً لكل من أراد سلوكه في هذا الميدان ، لحصل الاختلاط ، ولوقع التضارب في الأحكام ، ولاضطرب أمر هذه الشريعة ، فكان من الضروري وضع قواعد يسير عليها من أراد أن يستنبط الأحكام الشرعية من أدلتها .