للإعلام دوره المتميز الفعال في توجيه الفكر ، وصياغة معالم الثقافة ، وتحديد الرغبات والميول ؛ بل وتغيير نمطية السلوك وملامح الشخصية ، من خلال تدفقه المستمر والمتنوع ، وأساليبه المباشرة وغير المباشرة ، والتي تؤثر في الإنسان دون أن يشعر ، أو يتنبه للتغيرات الطارئة عليه . وبالتالي فقد استطاعت وسائل الإعلام المختلفة وبصورة واضحة تغيير معالم الشخصية الإسلامية مظهراً وجوهراً ، وساقت أعداداً كبيرة من أجيال الشباب والناشئة إلى طريق التقليد غير الواعي لما هو غربي كله ، فاختلفت النظرة ، وتبدلت الأذواق ، وتغيرت الاهتمامات والميول ، وفقدت الهوية الذاتية ليغرق الكثير منهم دون وعي أو إدراك في خضم ذلك الاجتياح الثقافي المتدفق ، إذ ليس لديهم حصانة شرعية وثقافية أصيلة كافية تقف في وجه هذا المد القوي ، وهذا التدفق الكثيف المستمر ، والذي حاصرهم من كل حدب وصوب ، وقيدهم بقيود لا ترى ، ولا تدع لهم مجالاً للاستقلال الفكري ، والتحرك العملي .
لقد أصبح الإعلام العالمي اليوم يفرض على الإنسان الفكرة ، ويحدد له الزاوية التي ينبغي أن ينظر من خلالها ، والأسلوب الذي يتعامل فيه مع الأحداث .
إن الإعلام العالمي المهيمن يركز جهوده على تغيير البنية الفكرية ، والخلفية الثقافية ، ونتائجها العملية في حياة الناس بشكل عام ، وعلى المسلمين بصورة خاصة، ليصبهم بعد ذلك في قوالب متشابهة ، ممسوخة الهوية ، مطموسة المعالم ، تساق إلى حتفها دون أن تدري .
ومن منطلق الشعور بالمسؤولية تجاه أمة الإسلام ، وإدراك توجهات الإعلام العالمي ، وخطر ما يبثه عبر وسائله المختلفة من زخم هائل يعمل على تسطيح العقول ، وتتفيه الاهتمامات ، وإفساد الأجيال ، كانت (الشقائق) الفكرة ، والعمل ، وقد لاقت المجلة في طريقها من العقبات والعثرات ، والإحباطات الشيء الكثير ، وهذا قدر كل عمل جاد هادف ، يسعى للوقوف في وجه العبث والتسطيح والتفاهة والزيف، ويجتهد لأن يرتقي بالاهتمامات ، ويرسخ القيم ، ويحافظ على معالم الشخصية الإسلامية المتميزة ، وفق منطلقات إيمانية صادقة ، تعين المسلم على أداء رسالته في الحياة وتعمير الأرض بتحقيق العبودية الصادقة لله : اعتقاداً وقولاً وعملاً، ونشر الفكر الإسلامي الأصيل المتزن المقيد بضوابط الكتاب والسنة ومنهاج سلف هذه الأمة مع محاولة للتوفيق بين الأصالة والمعاصرة ، للدفاع عن قضايا الأمة ، وأجيال الأمة، والقيام برسالة الأمة .
ولكن يبقى نيل الهدف ، وسمو الغاية ، والشعور بالمسؤولية أمام الله دائماً قوياً لتخطي العقبات ، وتجاوز المعوقات ، والاستمرار في الطريق الصعب ، فكانت عودة ( الشقائق ) بعد طول توقف تنبئ بفجر جديد بدد ظلمة ليل طالما حاصرتنا .
فمع الحب كله ، والشوق الكبير نلتقيكم قرائنا الأعزاء ونقول لكم حياكم الله وبياكم .
آخر الكلام ..
بين الفكر والعمل ، هدف نبيل ، ورؤية واضحة ، وعزم لا يكل وإصرار لا يضعف ، وتضحية لا تنقطع ، ويقين بالله لا حدود له ، فهما طال الطريق ، وتوالت العقبات ، وعظمت العوائق تبقى عناية الله ورعايته تكلأ المخلصين ، وتدعم الصادقين.